للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خالفوا شيئًا ممَّا شرط عليهم، فقد قيل: يجب على الإمام أن يفسخ العقد، وفسخه أن يُلحِقه بمَأمَنه ويُخرِجه من دار الإسلام؛ ظنًّا أنَّ العقد لا ينفسخ بمجرَّد المخالفة بل يجب فسخه.

قال: وهذا ضعيفٌ، لأنَّ الشروط إذا كانت حقًّا لله ــ لا للعاقد ــ انفسخ العقدُ بفواته من غير فسخ.

وهنا المشروط على أهل الذمة حقٌّ لله، لا يجوز للسلطان ولا لغيره أن يأخذ منهم الجزية ويمكِّنهم من المقام بدار الإسلام إلا إذا التزموها، وإلا وجب عليه قتالهم بنص القرآن.

قلت: واختلف العلماء فيما ينتقض به العهد وما لا ينتقض، وفي هذه الشروط هل يجري حكمها عليهم وإن لم يشترطها إمام الوقت اكتفاءً بشرط عمر - رضي الله عنه -، أو لا بد من اشتراط الإمام لها في حكمهم إذا انتقض عهدهم (١)؟ فهذه ثلاث مسائل:

[المسألة الأولى فيما ينقض العهد وما لا ينقضه]

ونحن نذكر مذاهب الأئمة وما قاله أتباعهم في ذلك.

[ذكر قول الإمام أحمد وأصحابه]

قد ذكرنا نصوصه في انتقاض العهد بالزنا بالمسلمة.

* ذكر قوله في انتقاض العهد بسب النبي - صلى الله عليه وسلم -:

قال الخلال (٢): بابٌ فيمن شَتَم النبي - صلى الله عليه وسلم -. أخبرني عصمة بن عصام


(١) وقد سبق طرف من الكلام على هذه المسألة (ص ٣٣٥، ٤٣٠).
(٢) في «الجامع» (٢/ ٣٣٩ - ٣٤٢).