للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والحكمة فيه ظاهرةٌ، فإنَّه إنَّما التزمه بشرط أن يلتزم الآخر بما التزمه، فإذا لم يلتزمه له الآخرُ صار (١) هذا غير ملتزمٍ، فإنَّ الحكم المعلَّق بالشرط لا يَثبُت بعينه عند عدمه باتفاق العقلاء، وإنَّما اختلفوا في ثبوت مثله.

إذا تبيَّن هذا، فإن كان المعقود عليه حقًّا للعاقد بحيث له أن يبذله بدون الشرط لم ينفسخ العقد بفوات الشرط، بل له أن يفسخه، كما إذا شرط رهنًا أو كفيلًا أو (٢) صفةً في البيع. وإن كان حقًّا لله (٣) أو لغيره ممَّن يتصرَّف له بالولاية ونحوها= لم يَجُز له إمضاء (٤) العقد، بل ينفسخ العقد بفوات الشرط، أو يجب عليه فسخه، كما إذا شرط أن تكون الزوجة حُرَّةً فظهرت أَمَةً وهو ممَّن لا يحلُّ له نكاح الإماء، أو شرطت أن يكون الزوج مسلمًا فبان كافرًا، أو شرط أن تكون الزوجة مسلمةً فبانت وثنيَّةً.

وعقد الذمة ليس هو حقًّا للإمام، بل هو حقٌّ لله ولعامَّة المسلمين، فإذا


(١) في الأصل: «حاز»، وعليه «كذا» بالحمرة استشكالًا.
(٢) في الأصل: «وصفة»، والمثبت من «الصارم».
(٣) غيَّره صبحي الصالح إلى «له» لأنه وجده هكذا في مطبوعة «الصارم» (أي: طبعة محمد محيي الدين عبد الحميد ص ٢١٢، وهو على الصواب في الطبعة الهندية ص ٢٠٦). ثم جاء محققا طبعة دار رمادي فتابعاه في إثبات «له»، وعلَّقا عليه: «في الصارم: لله، وهو خطأ، وما في مطبوعتنا الصواب وهو الجادَّة»! كل ذلك خلط وخبط ناشئ عن عدم تأمل السياق وتفهُّم المعنى، مع أنه يأتي بعد بضعة أسطر: «وعقد الذمة ليس هو حقًّا للإمام، بل هو حقٌّ لله ... »، وبعده أيضًا: «الشروط إذا كانت حقًّا لله لا للعاقد انفسخ العقد»، وبعده ثالثًا: «وهنا المشروط على أهل الذمة حقٌّ لله».
(٤) في الأصل: «أيضًا»، تصحيف.