للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو تفسير ما اقتصصنا مِن قبلُ مِن علم الله وحكمِ الناس أنَّهما مختلفان (١)، ألا ترى أنَّ عائشة - رضي الله عنها - حين قالت لمَّا مات صبيٌّ من الأنصار بين أبوين مسلمين: طوبى له، عصفورٌ من عصافير الجنة! فردَّ عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: «مه يا عائشة! وما يدريكِ؟ إنَّ الله خلق الجنة وخلق لها أهلًا، وخلق النار وخلق لها أهلًا (٢)» (٣).

قال إسحاق: فهذا الأصل الذي يعتمد عليه أهل العلم.

قال شيخنا (٤): وما ذكرَتْه هذه الطائفةُ أنَّ المعنى أنَّ الله فطرهم على الكفر والإيمان والمعرفة والإنكار، إن أرادوا به أنَّ الله سبق في علمه وقدَرِه بأنَّهم سيؤمنون ويكفرون، ويعرفون وينكرون، وأنَّ ذلك كان بمشيئة الله وقدَرِه وخلقه= فهذا حقٌّ لا يرُدُّه إلا القدرية. وإن أرادوا أنَّ هذه المعرفة والنكرة كانت موجودةً حين أخذ الميثاق، فهذا يتضمَّن شيئَين:

أحدهما: أنَّ المعرفة كانت موجودةً فيهم كما قال ذلك كثيرٌ من السلف، وهو الذي حكى إسحاق الإجماع عليه. فهذا إن كان حقًّا، فهو توكيدٌ لكونهم وُلِدوا على تلك المعرفة والإقرار. وهذا لا يُخالِف ما دلَّت عليه الأحاديث


(١) «وهو تفسير ... مختلفان» ليس في «التمهيد» ولا «الدرء»، ولفظ «الدرء»: «قال إسحاق: ألا ترى ... ».
(٢) «وخلق النار وخلق لها أهلا» سقط من المطبوع.
(٣) أخرجه مسلم (٢٦٦٢) بنحوه، واللفظ لابن عبد البر في «التمهيد» (١٨/ ٨٨).
(٤) في «درء التعارض» (٨/ ٤٢١).