للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقولهم: إن الفسخ إنما يكون فيما زاد على الأربع، قلنا: إن أردتم الانفساخ فصحيح، فإنه إذا اختار أربعًا انفسخ نكاح الزائد عليهن، وإن أردتم أن إنشاء الفسخ بالاختيار لا يكون إلا فيما زاد على الأربع فليس كذلك، فإن له أن يفارق الجميع بغير طلاقٍ، بل متى قال: فارقتُ الجميع أو سيَّبتُهن أو فسختُ نكاحهن= بِنَّ منه، كما لو قال: طلَّقتُهن.

فصل (١)

وإذا أسلم قبلهن ولم يُسلمن حتى انقضت عدتهن تبينَّا أنهنَّ بِنَّ منه منذ اختلف الدينان، فإن كان قد طلَّقهن قبل انقضاء عدتهن تبينَّا أن طلاقه لم يقع بهن، وله نكاح أربعٍ منهن إذا أسلمن. فإن كان قد وطئهن في العدة تبينَّا أنه وطئ أجنبياتٍ. وكذلك إن آلى منهن أو ظاهَرَ تبينَّا أن ذلك وقع في أجنبيةٍ. فإن أسلم بعضهن في العدة تبينَّا أنها زوجةٌ، فيقع طلاقه بها، فإذا وطئها بعد ذلك كان قد وطئ مطلقته. وإن كانت المطلَّقةُ غيرها فوطؤُه لها وطءٌ لامرأته. وإن طلّق الجميع، فأسلم أربعٌ منهن أو أقلُّ في عدتهن، ولم يسلم البواقي= تعيَّنت الزوجية في المسلمات، ووقع الطلاق بهن، فإذا أسلم البواقي فله أن يتزوَّج منهن، لأنه لم يقع طلاقه بهن.

قلت: هذا مبنيٌّ على أن الطلاق اختيارٌ، وقد علمتَ ما فيه، وعلى أن البينونة إذا انقضت العدة تكون من حين الإسلام لا من حين الاختيار.

ويحتمل أن يقال: إن البينونة إنما تقع من حين الاختيار؛ لأن كل واحدةٍ


(١) انظر: "المغني" (١٠/ ١٩).