للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا لم يفعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا عمر ولا أحدٌ من الأئمة بعده، بل وقفُها هو ترك قسمتها وإبقاؤها على حالها، وضربُ الخراج عليها يؤخذ ممن تكون في يده، والوقف إنما امتنع بيعه لما في بيعه من إبطال وقفيته، وأما هذه فإذا بيعت أو انتقل الملك فيها فإنها تنتقل خراجيةً كما كانت عند الأول. وحق المسلمين في الخراج، وهو لا يسقط بنقل الملك، فإنها تكون عند المشتري كما كانت عند البائع، كما تكون عند الوارث كما كانت عند موروثه (١). ولهذا جاز بيع المكاتب ولم يكن بيعه مُسقِطًا لسبب حريته بالأداء، فإنه ينتقل (٢) إلى المشتري كما كان عند البائع.

فصل

النوع الرابع (٣): ما صُولح عليه المشركون من أرضهم على أن يُقِرَّها في أيديهم بخراجٍ يضرب عليها، وتكون الأرض لهم، فهذا الخراج جزيةٌ تؤخذ منهم ما أقاموا على شركهم، وتسقط عنهم بإسلامهم، ولهم بيعُ هذه الأرض والتصرف فيها كيف شاؤوا، فإن تبايعوها بينهم كانت على حكمها في الخراج، وإن بيعت على مسلم سقط عنه خراجها. وإن بيعت من ذمي فهل


(١) في المطبوع: "مورّثه" خلاف الأصل. والشخص الذي يموت يُورَث، فهو موروث، والذي يرثه: وارث. وفي القرآن: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً ... }.
(٢) في المطبوع: "لا ينتقل"، وهو يقلب المعنى.
(٣) انظر: "الأحكام السلطانية" لأبي يعلى (ص ١٦٣)، وللماوردي (ص ٢٢٨)، و"المغني" (٤/ ١٩١)، و"الفروع" (١٠/ ٢٩٧).