للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلم إذا دخل فيها التزم ما عليها من الخراج وهو صَغارٌ في الأصل، فلا ينبغي أن يلتزمه ويُقِرَّ به، ولما كان تابعًا للأرض كان باقيًا ببقائها تابعًا لها، ويزول بزوالها وتعطَّل نفعها، كما تسقط الجزية بزوال الرقبة أو عجزها عن الأداء. ولا تَنافِيَ بين اجتماع الحقَّين في العين الواحدة بسببين مختلفين، كما يجب عليه في الصيد المملوك إذا أتلفه في الإحرام قيمتُه لمالكه والجزاءُ لحقِّ الله، وكما لو قتل أمةً بالزنا غُرِّم قيمتها لسيدها ولزِمه الحدُّ لحقِّ الله سبحانه، وكذلك لو قتل عبدًا خطأً لزِمتْه قيمته لسيده والكفَّارة للمساكين، ونظائر ذلك كثيرةٌ. وهذا النوع من الأرض هو المعروف بوضع الخراج.

فصل

ويجوز بيع هذه الأرض وهبتها ورَهْنها وإجارتها، ونص الإمام أحمد في رواية ابنه صالحٍ (١) على جواز جعلها صداقًا. وهذا صريحٌ في جواز بيعها وهبتها.

وقال بعض المتأخرين من أصحابه: لا يجوز نقل الملك فيها، لأنها وقفٌ فلا يجوز بيعها. وهذا ليس بشيء، فإنها تُورَث بالاتفاق والوقف لا يُورَث، وتُجعل صداقًا بالنص والوقف لا يجوز فيه ذلك.

ومنشأ الشبهة أنهم ظنوا أن وقفها بمنزلة سائر الأوقاف التي تجري مجرى إعتاق العبد وتحريره لله. وهذا غلطٌ، بل معنى وقفها تركُها على حالها لم يقسمها بين الغانمين، لا أنه أنشأ تحبيسها وتسبيلها على المسلمين،


(١) لم أجدها في "مسائله"، وطبعتها ناقصة.