للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وأنكرَتْ أن يكون المولود يُفطَر على إيمانٍ أو كفرٍ، أو معرفة أو إنكارٍ.

قال شيخنا: صاحب هذا القول إن أراد بالفطرة التمكُّن من المعرفة والقدرة عليها، فهذا ضعيفٌ؛ فإنَّ مجرد القدرة على ذلك لا يقتضي أن يكون حنيفًا، ولا أن يكون على الملة. ولا يحتاج أن يذكر تغيير أبويه لفطرته حتى يُسأل عمَّن مات صغيرًا. ولأنَّ القدرة في الكبير أكمل منها في الصغير.

وهو لمَّا نهاهم عن قتل الصبيان فقالوا: إنَّهم أولاد المشركين قال: «أوليس خياركم أولاد المشركين؟ ما من مولود إلا يولد على الفطرة» (١). ولو أريد القدرة لكان البالغون كذلك مع كونهم مشركين مستوجبين للقتل.

وإن أراد بالفطرة القدرةَ على المعرفة مع إرادتها، فالقدرة الكاملة مع الإرادة التامة تستلزم وجود المراد المقدور، فإذا فطروا على القدرة على المعرفة وإرادتها كان ذلك مستلزمًا للإيمان ولم يتخلَّف موجَبُه ومقتضاه.

فصل (٢)

قال أبو عمر (٣): وقال آخرون معنى قوله: «كل مولود يولد على الفطرة» يعني: البَدْأة (٤) التي ابتدأهم عليها، يريد أنه مولودٌ على ما فطر الله عليه خلقه


(١) جزء حديث الأسود بن سريع، تقدم تخريجه.
(٢) انظر: «درء التعارض» (٨/ ٣٨٦) و «شفاء العليل» (٢/ ٤١٠).
(٣) «التمهيد» (١٨/ ٧٨).
(٤) رسمه يحتمل: «البَداءة»، وهما بمعنى.