للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالصحابة؟ ومثلها لا يقال بالرأي والتخمين، ولكن الذي دلَّ عليه الصحيح من هذه الآثار: إثباتُ القدر وأنَّ الله عَلِم ما سيكون قبل أن يكون، وعَلِم الشقي والسعيد من ذرية آدم. وسواءٌ كان ما استخرجه فرآه آدم هو أمثالَهم أو أعيانَهم.

فأمَّا نطقهم فليس في شيء من الأحاديث التي تقوم بها الحجة (١)، ولا يدل عليه القرآن، فإن القرآن يقول فيه: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ} فذكر الأخذ من ظهور بني آدم لا من نفس ظهر آدم، وذرياتُهم يتناول كلَّ من وَلَدُوه وإن كان كبيرًا (٢)، كما قال في تمام الآية: {أَوْ يَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ}، وقال تعالى: {إِنَّ اَللَّهَ اَصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى اَلْعَالَمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ} [آل عمران: ٣٣ - ٣٤]، وقال: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} [الإسراء: ٣]، وقال: {وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ} [الأنعام: ٨٥]، فاسم الذرية يتناول الكبار.

وقوله: {وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى}، فشهادة المرء على نفسه في القرآن يراد بها إقراره، فمن أقرَّ بحقٍّ عليه فقد شهد به على


(١) نعم، ليس في الأحاديث المرفوعة ذلك، ولكنه روي من ثلاثة طرق حسان (كلثوم بن جبر، وعلي بن بذيمة، وعطاء بن السائب)، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس موقوفًا. انظر: ما سبق (ص ١٣٤ - ١٣٥)، و «طبقات ابن سعد» (١/ ١٢، ١٣)، و «تفسير الطبري» (١٠/ ٥٤٧ - ٥٥٠).
(٢) في المطبوع: «كثيرًا»، خطأ يحيل المعنى.