للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

النوع الثالث: ما ملك عن الكفار عَنْوةً وقهرًا، فهذه فيها روايتان (١):

إحداهما: أنها تكون غنيمةً تُقسم بين الغانمين كالمنقول، وتكون أرضَ عُشرٍ لا خراجَ عليها كما أحياه المسلمون.

الثانية: أن الإمام بالخيار، إن شاء قسمَها وكانت كذلك عُشْريةً غيرَ خراجيةٍ، وإن شاء وقفَها على المسلمين ويضرب عليه خراجًا يكون كالأجرة لها، غيرَ مقدَّرِ المدة بل إلى الأبد، فهذه عُشْريةٌ خراجيةٌ.

فإن استمرت في يد الكفار ففيها الخراج، زرعوها أو لم يزرعوها، ولا عُشْرَ عليهم، وإن أسلموا لم يُسقِط الإسلام خراجَها، ويجب عليهم فيها العُشْرُ، فيجتمع العشر والخراج بسببين مختلفين، العُشْر على المُغَلّ والخراج على رقبة الأرض، هذا قول الجمهور.

وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يجتمع العُشر والخراج في أرضٍ (٢)، بل إن أُخِذ ممن هي في يده الخراجُ لم يؤخذ منه العشر، وإن أُخِذ منه العشرُ لم يؤخذ منه الخراج. ورُوي في ذلك حديث باطلٌ لا أصلَ له، وليس من كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يجتمع العُشْر والخراج" (٣).


(١) انظر: "الأحكام السلطانية" لأبي يعلى (ص ١٦٣)، و"المغني" (٤/ ١٨٩)، و"الفروع" (١٠/ ٢٩٦).
(٢) انظر: "الأحكام السلطانية" للماوردي (ص ٢١٥)، و"المغني" (٤/ ١٩٩)، و"الاختيار لتعليل المختار" (١/ ١١٤).
(٣) يراجع في تضعيفه وبيان بطلانه: "الكامل" لابن عدي (٧/ ٢٧١٠)، و"المجروحين" (٣/ ١٢٤)، و"المجموع" (٥/ ٤٥٥)، و"فتح القدير" لابن الهمام (٦/ ٤١، ٤٢). قال شيخ الإسلام: إن المرفوع منه كذب باتفاق أهل الحديث، "مجموع الفتاوى" (٢٥/ ٥٥) و"منهاج السنة" (٧/ ٤٣٠). وإنما روي عن عكرمة مقطوعًا من قوله. أخرجه يحيى بن آدم (ص ٢٤) وابن زنجويه (٣٨٢). وانظر: "الأموال" لأبي عبيد (١/ ١٧٣)، و"الاستخراج" لابن رجب (ص ٤٥٢).