للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكونهم ينقلونها إلى موضع خفيٍّ لا يُجاوِره مُسلِم، ونحو ذلك= جاز بلا ريبٍ، فإنَّ هذا مصلحةٌ ظاهرةٌ للإسلام والمسلمين، فلا معنى للتوقُّف فيه. وقد ناقلهم المسلمون من الكنيسة التي كانت جِوار جامع دمشق إلى بقاء الكنائس التي هي خارج البلد، لكونه أصلح للمسلمين (١).

وأمَّا إن كان النقل لمجرَّد منفعتهم وليس للمسلمين فيه منفعة، فهذا لا يجوز لأنَّه إشغال رقبة أرض الإسلام بجعلها دار كفر، فهو كما لو أرادوا جعلها خمَّارةً أو بيت فسقٍ، وأولى بالمنع، بخلاف ما إذا جعلنا (٢) مكان الأولى مسجدًا يُذكر الله فيه وتقام فيه الصلوات، ومكَّنَّاهم من نقل الكنيسة إلى مكان لا يتأتَّى فيه ذلك، فهذا ظاهر المصلحة للإسلام وأهله، وبالله التوفيق.

فلو انتقل الكفار عن محلَّتهم وأخلوها إلى محلَّة أخرى، فأرادوا نقل الكنيسة إلى تلك المحلة وإعطاءَ القديمة للمسلمين فهو على هذا الحكم.

فصل

هذا حُكم بِيَعهم وكنائسهم. فأمَّا حكم أبنيتهم ودُورهم: فإن كانوا في محلَّة مفردة عن المسلمين لا يجاورهم فيها مسلم تُرِكوا وما يبنونه كيف أرادوا. وإن جاوروا المسلمين لم يمكَّنوا من مطاولتهم في البناء، سواءٌ كان الجار ملاصقًا أو غيرَ ملاصقٍ، بحيث يطلق عليه اسم الجار قَرُب أو بَعُد.


(١) انظر ما سبق (ص ٢٩٩).
(٢) في الأصل: «جعلها»، والمثبت أشبه.