للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذه الأشياء التي فيها ضررٌ على المسلمين أو غضاضةٌ على الإسلام لم يَصِر ناقضًا للعهد (١).

لكن من أصولهم أنَّ ما لا قتل فيه عندهم مثل القتل بالمُثقَّل والتلوُّط وسبِّ الذمي لله ورسوله وكتابه ونحو ذلك، إذا تكرَّر فعلى الإمام (٢) أن يقتل فاعله تعزيرًا. وله أن يزيد على الحد المقدَّر فيه إذا رأى [المصلحة] في ذلك، ويحملون ما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من القتل في مثل هذه الجرائم على أنَّه رأى المصلحة في ذلك ويسمُّونه القتل سِياسةً. وكان حاصله أنَّ للإمام أن يعزِّر بالقتل في الجرائم التي تغلَّظَت (٣) بالتكرار، وشُرِع القتل في جنسها. ولهذا أفتى أكثر أصحابهم بقتل مَن أكثر من سبِّ النبي - صلى الله عليه وسلم - من أهل الذمة وإن أسلم بعد أخذه، وقالوا: يُقتَل سِياسةً. وهذا متوجِّهٌ على أصولهم (٤).

قال القاضي في «التعليق»: والدلالة على أنَّ نقض العهد يحصل بهذه الأشياء وإن لم يشترطه في عقد الذمة: أنَّ الأمان (٥) يقتضي الكفَّ عن الإضرار، وفي هذه الأشياء إضرارٌ، فيجب أن ينتقض العهد بفعلها كما لو شرط ذلك في عقد الأمان.


(١) انظر: «بدائع الصنائع» (٧/ ١١٣) و «الاختيار لتعليل المختار» (٤/ ١٣٩).
(٢) كذا في الأصل، وفي «الصارم»: «فللإمام»، وهو الصحيح.
(٣) رسمه في الأصل: «».
(٤) هذه الفقرة من «الصارم» (٢/ ٣١ - ٣٢)، وقد نقلها منه ابنُ عابدين في «حاشيته» على «الدر المختار» (٤/ ٢١٤ - ٢١٥) وقال: «لم أَرَ من صرَّح به عندنا، لكنه نقله عن مذهبنا وهو ثَبْت، فيقبل».
(٥) في الأصل والمطبوع: «الإمام»، تصحيف.