للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعني: لمَّا كانوا متأوِّلين أنزلوهم منزلة أهل الجاهلية، وإن كانوا مخطئين في التأويل كالكفار والمرتدين. وإنما يضمن من كان يعلم أنه لا يحلُّ له أن يقتل ويأخذ (١)، كالطائفتين المقتتلتَين على عصبيةٍ وكلٌّ منهما يعلم أنه يقاتل عصبيةً لا على حقٍ؛ فهؤلاء تضمن كل طائفةٍ ما أتلفته على الأخرى. وفي ذلك نزل قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ اُلْقِصَاصُ فِي اِلْقَتْلَى اَلْحُرُّ بِالْحُرِّ وَاَلْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَاَلْأُنثى بِالْأُنثى} [البقرة: ١٧٧].

والمحاربون قطَّاع الطريق العالمون بأن ما فعلوه محرمٌ يضمنون.

وإذا تابوا قبل القدرة عليهم سقطت عنهم حدودُ الله كما تسقط عن الكفار الممتنعين إذا أسلموا قبل القدرة عليهم. وهل يعاقبون بحدود الآدميين مثل أن يقتل أحدهم قصاصًا؟ فيه قولان للعلماء، قيل: يؤخذون بحقوق الآدميين كالقَوَد، وقيل: لا يؤخذون.

وما كان معهم من أموال الناس يؤخَذ بلا نزاعٍ. وما أتلفوه هل يضمنونه مع العقوبات البدنية؟ فيه نزاعٌ، كالسارق فإنه إذا وجد معه المال أُخِذ سواءٌ قطعت يده أو لم تقطع. وإن كان قد أتلفه، فهل يغرم مع القطع؟ على ثلاثة أقوالٍ، قيل: يُغرَم كقول الشافعي وأحمد، وقيل: لا يُغرَم كقول أبي حنيفة، وقيل: يُغرَم مع اليَسَار دون الإعسار كقول مالك.


(١) أي: المالَ بغير حقِّه. وغيَّره في المطبوع إلى «ويؤاخَذ» مع التنبيه على الأصل.