للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال (١): وآثار هذا الباب معارِضةٌ لحديث «الوائدة والموءودة في النار» وما كان مثلَه. وإذا تعارضت الآثار وجب سقوطُ الحكم بها، ورجعنا إلى الأصل: وهو أنَّه لا يعذِّب أحدًا إلا بذنبٍ، لقوله تعالى: {وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا} [الإسراء: ١٥]، وقوله: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ} [الأنعام: ١٣١]، وآيُ القرآنِ كثيرٌ في هذا المعنى. على أنَّي أقول: إنَّ الله ليس بظلَّام للعبيد، ولو عذَّبهم لم يكن ظالمًا لهم، ولكن (٢) جَلَّ مَن تسمَّى بالغفور الرحيم الرؤوف الحليم أن يكون من صفته إلا حقيقة «لا إله إلا هو، لا يُسأَل عما يفعل».

قلت: وآثار هذا الباب الصحيحة ليس فيها بحمد الله تعارضٌ، وحديث «الوائدة والموءودة في النار» قد تقدَّم الجواب عنه.

ومعارضة الأحاديث الباطلة للأحاديث الصحيحة لا تُوجِب سقوطَ الحكم بالصحيحة، والأحاديثُ الصحيحة يصدِّق بعضُها بعضًا.

فصل

المذهب الرابع: أنَّهم في منزلة بين الجنة والنار. فإنَّهم ليس لهم إيمانٌ يدخلون به الجنة، ولا لآبائهم إيمانٌ يَتبَعُهم أطفالُهم فيه تكميلًا لثوابٍ وزيادةً في نعيم. وليس لهم من الأعمال ما يستحِقُّون به دخول النار، ولا من الإيمان ما يدخلون به الجنة، والجنة لا يدخلها إلا نفسٌ مؤمنةٌ، والنار لا يدخلها إلا نفسٌ كافرةٌ.


(١) (٨/ ٤٠٢ - ٤٠٣).
(٢) في الأصل: «ولكنه»، والمثبت من المصدر.