للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا إلا تركُ الكفار على عزِّهم وإقامة دينهم كما يحبُّون، بحيث تكون لهم الشوكة والكلمة، والله أعلم.

فصل

وقد احتج بحديث بُريدة هذا من يرى أن قسمة الفيء والخمس موكولٌ (١) إلى اجتهاد الإمام، يضعُه حيث يراه أصلحَ وأهمَّ، والناس إليه أحوج، كما يقول مالك ومن وافقه رحمهم الله تعالى.

قالوا: والمهاجرون كانوا في ذلك الوقت أولى بذلك من غيرهم، ولذلك لم يُجعل فيه للأعراب شيء، فإن المهاجرين خرجوا من ديارهم وأموالهم لله، ووصلوا إلى المدينة فقراء، وكان أحقّ الناس بالفيء هم ومن واساهم وآواهم.

قال القاضي عياضٌ (٢): ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يُؤثِرهم بالخُمس على الأنصار غالبًا، إلا أن يحتاج أحدٌ من الأنصار.

وأما الشافعي (٣) رحمه الله تعالى فإنه أخذ بحديث بُريدة - رضي الله عنه - في الأعراب، فلم يرَ لهم شيئًا من الفيء، وإنما لهم الصدقة المأخوذة من أغنيائهم المردودة في فقرائهم، كما أن أهل الجهاد وأجناد المسلمين أحقُّ


(١) في المطبوع: "موكولة".
(٢) "إكمال المعلم" (٦/ ٣٢، ٣٣). وكلام الشافعي وأبي عبيد أيضًا منقول منه.
(٣) انظر نحوه في "الأم" (٥/ ٣٥٠).