للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩].

فالجزية هي الخراج المضروب على رؤوس الكفار إذلالًا وصَغارًا، والمعنى: حتى يُعطوا الخراج عن رقابهم.

واختُلف في اشتقاقها، فقال القاضي في "الأحكام السلطانية" (١): اسمها مشتقٌّ من الجزاء، إما جزاءً على كفرهم لأخذها منهم صَغارًا، أو جزاءً على أماننا لهم لأخذِها منهم رفقًا.

قال صاحب "المغني" (٢): هي مشتقّةٌ من جزاه بمعنى قضاه، لقوله: {لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا} [البقرة: ٤٧]. فتكون الجزية مثل الفدية.

قال شيخنا: والأول أصح، وهذا يرجع إلى أنها عقوبةٌ أو أجرةٌ.

وأما قوله: {عَن يَدٍ}، فهو في موضع النصب على الحال، أي يعطوها أذِلَّاء مقهورين. هذا هو الصحيح في الآية.

وقالت طائفةٌ (٣): المعنى من يدٍ إلى يدٍ نقدًا غير نسيئةٍ.

وقالت فرقةٌ (٤): من يده إلى يد الآخذ، لا باعثًا بها ولا موكِّلًا في دفعها.


(١) (ص ١٥٣). وهو صادر عن "الأحكام السلطانية" للماوردي (ص ٢٢١).
(٢) (١٣/ ٢٠٢).
(٣) منهم شريك وعثمان بن مقسم، انظر: "زاد المسير" (٣/ ٤٢٠)، و"تفسير البغوي" (٢/ ٢٨٢).
(٤) روي ذلك عن ابن عباس، انظر "تفسير البغوي" (٢/ ٢٨٢)، و"تفسير القرطبي" (٨/ ١١٥)، و"الوسيط" للواحدي (٢/ ٤٨٩)، و"زاد المسير" (٣/ ٤٢٠).