للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نذكر ذلك مسألة مسألة.

فأما المسألة الأولى وهي موت الأبوين أو أحدهما، فاختُلف فيها على ثلاثة أقوال:

أحدها: أنَّه لا يصير بذلك مسلمًا، بل هو على دينه. وهذا قول الجمهور، وربَّما ادُّعِي فيه أنَّه إجماعٌ معلومٌ متيقَّن، لأنَّا نعلم أنَّ أهل الذمة لم يزالوا يموتون، ويخلفون أولادًا صغارًا، ولا نعرف قطُّ أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أحد (١) من الخلفاء الراشدين بعده ولا مَن بعدهم مِن الأئمة حكموا بإسلام أولاد الكفار بموت آبائهم. ولا نعرف أنَّ ذلك وقع في الإسلام مع امتناع إهمال هذا الأمر وإضاعته عليهم، وهم أحرص الناس على الزيادة في الإسلام والنقصان من الكفر. وهذا مذهب مالك، وأبي حنيفة، والشافعي، وأحمد في إحدى الروايتين عنه، اختارها شيخنا - رحمه الله - (٢).

الثاني: أنَّه يُحكَم بإسلام الأطفال بموت الأبوين أو أحدهما، سواءٌ ماتا في دار الحرب أو في دار الإسلام. وهذا قول في مذهب أحمد، اختاره بعض أصحابه، وهو معلوم الفساد بيقين لما سنذكره.


(١) كذا في الأصل.
(٢) انظر: «درء التعارض» (٨/ ٤٣٤). وذكره المؤلف في «شفاء العليل» (٢/ ٤٣٨) أيضًا. وانظر: «الإنصاف» للمرداوي (٢٧/ ١٦٥) حيث نقل عن «أحكام أهل الذمة». وفي مطبوعة «الاختيارات» للبعلي (ص ٤٥٥): «ويُحكم بإسلام الطفل إذا مات أبواه»، وهو خطأ، والصواب ما ذكره محققه في الهامش نقلًا عن بعض النسخ الخطية: «ولا يُحكم ... ».