للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفطرة»، قال: على الشقاء والسعادة، وإليه يرجع كل ما خلق (١).

وكذلك قال في رواية الحسن بن ثواب (٢): كل مولود من أطفال المشركين على الفطرة، يُولَد على الفطرة التي خُلِقوا عليها من الشقاوة والسعادة التي سبقت في أم الكتاب؛ أَرفَعُ (٣) ذلك إلى الأصل (٤).

قلتُ: أصحاب هذا القول يحتجون بقوله تعالى: {هُوَ اَلَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنكُمْ كَافِرٌ وَمِنكُم مُّؤْمِنٌ} [التغابن: ٢]، وبقوله: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمِ اِلضَّلَالَةُ} [الأعراف: ٢٩ - ٣٠]، وبقوله - صلى الله عليه وسلم - في خلق الجنين: «ثم يُبعَث إليه الملك فيُؤمَر بكَتْب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد» (٥)، وبقوله: «إنَّ الغلام الذي قتله الخضر طُبِع يومَ طُبِع كافرًا» (٦)، وبالآثار المعروفة: الشقي من شقي في بطن أمه (٧)، وغير ذلك من الآثار الدالة على القدر السابق، وأن الشقاوة والسعادة بقضاءٍ سابقٍ وقدرٍ


(١) الروايات السابقة كلها في «الجامع» (١/ ٧٩). والمؤلف صادر عن «درء التعارض» (٨/ ٣٩٥) وما بعدها.
(٢) في الأصل: «أيوب»، والمثبت من هامشه الصواب. والرواية في «الجامع» (١/ ٧٧).
(٣) في الأصل: «لدفع»، تصحيف. والمثبت من «درء التعارض» (٨/ ٣٩٦)، ويحتمل ضبطه: «ارْفَعْ» أمرًا. هذا، ولفظه في «الجامع»: «أرجع في ذلك»، وهو الذي قد سبق (ص ١٠٣) أن نقله المؤلف من «الجامع» مباشرةً.
(٤) هنا انتهى النقل عن «الدرء» الذي بدأ (ص ١٥٤).
(٥) جزء من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - المتفق عليه، وقد تقدم قريبًا.
(٦) أخرجه مسلم (٢٦٦١)، وقد تقدم غير مرة.
(٧) أخرجه مسلم (٢٦٤٥) عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - موقوفًا عليه.