للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلامٌ مختلطٌ لا تعويلَ عليه، والمذهب: القطعُ بأخذ الجزية ممن تمسَّك بالدين المبدَّل قبل المبعث وأدركه الإسلام نظرًا إلى تغليب الحَقْن. وإذا تعلَّق بالكتاب فليس كله مبدلًا، وغير المبدل منه ينتصب شبهةً في جواز حَقْن دمه بالجزية، إذ ذاك لا ينحطُّ عن الشبهة التي تمسَّك (١) بها المجوس، فلا ينبغي أن يُعتدَّ بهذا، بل الوجه القطع بقبول الجزية كما قدمنا. انتهى.

وهذا الذي ذكره في غاية القوة، وما ذكره من حكى كلامه مخالفٌ للمعلوم المقطوع به من سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وبقي عليه درجةٌ واحدةٌ، وهي القطع بأخذها ممن تهوَّد بعد المبعث قبل الأمر بالقتال، إذ كانوا مُقَرِّين على دينهم، فقد دخل في دينٍ باطلٍ يقرّ أهله عليه، كما تقدم.

فصل

في بني تغلب وأحكامهم

بنو تغلب بن وائل بن ربيعة بن نِزارٍ من صميم العرب، انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية، وكانوا قبيلةً عظيمةً لهم شوكةٌ قويةٌ، واستمرُّوا على ذلك حتى جاء الإسلام، فصُولحوا على مضاعفة الصدقة عليهم عوضًا من الجزية. واختلفت الرواية متى صُولحوا.

ففي "سنن أبي داود" (٢) من حديث إبراهيم بن مهاجرٍ، عن زياد بن


(١) في هامش الأصل: "تعلق".
(٢) برقم (٣٠٤٠)، وكذا أخرجه الطبري في "تهذيب الآثار" (ص ٢٢٣ - مسند علي) والعقيلي في "الضعفاء" (٣/ ٤٤٠) وأبو نعيم في "الحلية" (٤/ ١٩٨)، كلهم من طريق عبد الرحمن بن هانئ النخعي، عن شريك، عن إبراهيم بن مهاجر به.