للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نستطيع أن ندخلها، فيقول ادخلوها داخرين». قال نبي الله - صلى الله عليه وسلم -: «لو دخلوها أوَّلَ مرَّة كانت عليهم بردًا وسلامًا» (١).

فإن قيل: هذه الأحاديث مع ضعفها مخالفةٌ لكتاب الله، ولقواعد الشريعة، فإنَّ الآخرة ليست دار تكليف، وإنَّما هي دار جزاء، ودار التكليف هي دار الدنيا، فلو كانت الآخرة دار تكليف لكان ثَمَّ دارُ جزاء غيرها.

قال أبو عمر في «الاستذكار» (٢) وقد ذكر بعض هذه الأحاديث: وهذه الأحاديث كلها ليست بالقوية، ولا تقوم بها حجةٌ، وأهل العلم ينكرون أحاديث هذا الباب؛ لأنَّ الآخرة دار جزاء، وليست دار عمل ولا ابتلاء. وكيف يُكلَّفون دخولَ النار، وليس ذلك في وسع المخلوقين، والله لا يكلِّف نفسًا إلا وسعها؟ ولا يخلو من مات في الفترة من أن [يموت] كافرًا أو غير كافرٍ، فإن مات كافرًا جاحدًا فإنَّ الله حرَّم الجنَّة على الكافرين فكيف يُمتحَنون؟ وإن كان معذورًا بأنَّه لم يأتهِ نذيرٌ ولا رسولٌ، فكيف يُؤمَر أن


(١) وأخرجه البزار (٤١٦٩) من طريق آخر عن ريحان بن سعيد به. وإسناده ضعيف، ريحان صدوق ولكن أحاديثه عن عبَّاد بن منصور عن أيوب مناكير، وعبَّاد أيضًا فيه لين وقد روى أحاديث مناكير. وللحديث طريق آخر عن أبي قلابة به، أخرجه البزار (كشف الأستار: ٣٤٣٤) والحاكم (٤/ ٤٤٩ - ٤٥٠)، وهو واهٍ أيضًا، فيه إسحاق بن إدريس الأسواري: متروك، كان يسرق الحديث، واتُّهم بالوضع.

والصحيح في هذا الحديث أنه من رواية أبي قلابة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، أخرجه الحسين بن الحسن المروزي في زوائده على كتاب «الزهد» لابن المبارك (١٣٢٣) عن عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عنه. وهذا إسناد صحيح رجاله رجال الشيخين.
(٢) (٨/ ٤٠٤). وما بين الحاصرتين مستدرك منه.