للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

إذا عرف هذا فاختلف الأئمة في ذلك: هل يؤخذ من الذمي والحربي أم يختص الأخذ بالحربي؟

فقال الشافعي (١) رحمه الله تعالى: لا يؤخذ من الذمي شيء، وإن اضطرب في بلاد الإسلام كلها غير الحجاز، فإن الجزية أثبتتْ له الأمانَ العام على نفسه وأهله وماله في المقام والسفر. فإن دخل إلى أرض الحجاز فيُنظر في حاله: فإن كان دخوله لرسالةٍ أو نقل مِيْرةٍ (٢) أذن له [الإمام] بغير شيء، وإن كان لتجارةٍ لا حاجةَ بأهل الحجاز إليها لم يأذن له إلا أن يشترط عليه عوضًا بحسب ما يراه، والأولى أن يشترط عليه نصف العشر؛ لأن عمر - رضي الله عنه - شرط نصف العشر على من دخل الحجاز من أهل الذمة.

وأما الحربي فإن دخل إلينا لتجارةٍ لا يحتاج إليها المسلمون لم يأذن له الإمام إلا بعوضٍ يشرطه، ومهما شرط جاز، ويستحب أن يشرط العشر ليوافق فعل عمر. وإن أذن مطلقًا من غير شرطٍ لم يؤخذ منه شيء، لأنه أمانٌ من غير شرطٍ، فهو كالهدنة.

قال: ويحتمل أن يجب عليه العشر؛ لأن عمر - رضي الله عنه - أخذه، هذا نصه (٣).


(١) انظر: "المغني" (١٣/ ٢٢٩).
(٢) الميرة: الطعام.
(٣) لم أجد هذا النصّ في كتاب "الأم" وغيره. وانظر معناه في "الأم" (٥/ ٤٩٢).