للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعمله، وشقي أو سعيد. فلو قيل: كل مولود يُنفَخ فيه الرُّوح على الفطرة لكان أشبه بهذا القول، مع أنَّ النفخ هو بعدَ الكتابة.

فصل (١)

قال أبو عمر (٢): قال أبو عبد الله محمد بن نصر المروزي: وهذا المذهب شبيهٌ بما حكاه أبو عبيد عن ابن المبارك.

قال محمد: وقد كان أحمد بن حنبل يذهب إلى هذا القول، ثم تركه.

قال أبو عمر: ما رسمه مالك في «موطئه» وذكره في أبواب القدر، فيه من الآثار ما يدلُّ على أنَّ مذهبه في ذلك نحو هذا.

قال شيخنا: أئمة السنة مقصودهم أنَّ الخلق كلَّهم صائرون إلى ما سبق في علم الله من إيمانٍ وكفرٍ، كما في الحديث الآخر: «إنَّ الغلام الذي قتله الخضر طُبع يوم طُبع كافرًا» (٣)، والطبع: الكتاب، أي: كُتِب كافرًا، كما قال: «فيكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد» (٤).

وليس إذا كان الله قد كتبه كافرًا يقتضي أنَّه حين الولادة كافر، بل يقتضي أنَّه لا بدَّ أن يكفر، وذلك الكفر هو التغيير. كما أنَّ البهيمة التي وُلدت جمعاء وقد سبق في علمه أنَّها تُجدَع= كَتَب أنها مجدوعةٌ بجدعٍ يَحدُث لها بعد الولادة، ولا يجب أن تكون عند الولادة مجدوعةً.


(١) انظر: «درء التعارض» (٨/ ٣٨٨) و «شفاء العليل» (٢/ ٤١٢).
(٢) في «التمهيد» (١٨/ ٧٩).
(٣) أخرجه مسلم (٢٦٦١)، وقد سبق (ص ١١٢).
(٤) جزء من حديث عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - المتفق عليه، وقد سبق آنفًا.