للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسكت المسلمون. وهذا كان عام الفتح، فلما دخل مكة في حجة الوداع قيل له: ألا تنزل في دارك؟ فقال: «وهل ترك لنا عقيل من دارٍ؟!».

قال الشيخ (١): وهذا الحديث قد استدل به طوائف على مسائل:

فالشافعي احتج به على جواز بيع رباع مكة، وليس في الحديث أنه باعها. قلت: الشافعي إنما احتج بإضافة الدار إليه بقوله «في دارك» وأردفه بقوله تعالى: {وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ} [آل عمران: ١٩٥]. والمنازعون له يقولون: الإضافة قد تصح بأدنى ملابسةٍ، فهي إضافة اختصاصٍ لا إضافة ملكٍ، لأن الله سبحانه جعل الناس في الحرم سواءً العاكفُ فيه والباد.

المسألة الثانية: المنع من توريث المسلم من الكافر، فإنه قد روي أنه قاله عقيب هذا القول (٢)، وكان قد استولى على بعضها بطريق الإرث من أبي طالب، وعلى بعضها بطريق القهر والغلبة. والظاهر أنه استولى على نفس ملك النبي - صلى الله عليه وسلم - وداره التي هي له، فإنه قيل له: ألا تنزل في دارك؟ فقال: «وهل ترك لنا عقيل من دارٍ؟» يقول: هو أخذ داري ودار غيري من بني هاشم. وكان عقيل لم يُسلم بعد، بل كان على دين قومه، وكان حمزة وعبيدة بن الحارث وعلي وغيرهم قد هاجروا إلى المدينة مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجعفر هاجر إلى الحبشة، فاستولى عقيل على رباع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعلى رباع آل أبي طالب.


(١) أي شيخ الإسلام.
(٢) كما عند أحمد (٢١٧٥٢) والبخاري (٤٢٨٢، ٤٨٨٣).