للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبهذا مضَت سُنَّةُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ناقضي العهد، فإنَّ بني قَينُقاع وبني النَّضِير وقُرَيظَة لمَّا حاربوه ونقضوا عهده عمَّ الجميعَ بحكم الناقضين للعهد وإن كان النقض قد وقع من بعضهم، ورضي الباقون وكتموه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يُطلِعوه عليه.

وكذلك فعل بأهل مكة: لمَّا نقض بعضهم عهده، وكتم الباقون وسكتوا، ولم يُطلِعوه على ذلك= أجرى الجميع على حكم النقض وغزاهم في عُقْرِ دارهم.

وهذا هو الصواب الذي لا يجوز غيرُه، وبالله التوفيق.

وقد اتَّفق المسلمون على أنَّ حكم الرِّدْء والمُباشِر في الجهاد كذا (١). وكذلك اتفق الجمهور على أنَّ حكمَهم سواءٌ في قطع الطريق، وإنَّما خالَف فيه الشافعي وحدَه. وكذلك حُكم البُغاة، يستوي (٢) رِدؤهم ومُباشِرهم (٣). وهذا هو محض الفقه والقياس، فإنَّ المباشِرين إنَّما وصلوا إلى الفعل بقوَّة ردئهم (٤)، فهم مشتركون في السبب: هذا (٥) بالفعل، وهذا بالإعانة، وهذا بالحفظ والحراسة؛ ولا يجب الاتفاق والاشتراك في عين كلِّ سببٍ سببٍ، والله أعلم.


(١) كذا في الأصل، وأخشى أن يكون تصحيفًا عن «سواء».
(٢) في الأصل: «يستقرر»، غير محرر، وقد أعلم عليه الناسخ بالحمرة، وكتب في الهامش «ظ»، أي: يُنظر أو فيه نظر. ولعل المثبت الصواب.
(٣) في الأصل: «مباشرتهم»، ولعل المثبت أشبه.
(٤) في الأصل: «ردتهم»، خطأ.
(٥) في الأصل: «وهذا»، والظاهر أن الواو مقحمة خطأ.