للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحُجَّة الذين لا يجوز مخالفتُهم، ولا يجوز على مثلهم الغلَطُ في مثل هذا، إلى ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من أخبار الآحاد الثقات (١).

فتأمَّل كيف ذكر الإجماعَ على أنَّ أطفال المسلمين في الجنة، وأنَّه لا يعلم في ذلك نزاعًا، وجعل القول بالمشيئة فيهم قولًا شاذًّا مهجورًا، ونسبه في الباب الآخر إلى الحمَّادَين وابن المبارك وإسحاق بن راهويه وأكثر أصحاب مالك. وهذا من السهو الذي هو عرضةُ الإنسان، وربُّ العالمين هو الذي لا يَضِلُّ ولا يَنسى.

فصل

وأمَّا أولاد المشركين، فاختلف أهل العلم فيهم على عشرة مذاهب (٢)، ونحن نذكرها (٣) ونذكر أدِلَّتها، ونبيِّن راجحَها من مرجوحها بحول الله وقدرته وتوفيقه.

المذهب الأول: الوقف في أمرهم. ولا نحكم لهم بجنة ولا نار، ونَكِل علمهم إلى الله. وهذا قد يُعبَّر عنه بمذهب الوقف، وقد يُعبَّر عنه بمذهب المشيئة، وأنَّهم تحت مشيئة الله يحكم فيهم بما يشاء، ولا يُدرى حكمُه فيهم ما هو. واحتجَّ أرباب هذا القول بحُجَج منها:

ما خرَّجا في «الصحيحين» (٤) من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول


(١) في المطبوع: «والثقات»، خلاف الأصل ومصدر النقل.
(٢) في «طريق الهجرتين» (٢/ ٨٤٢) و «تهذيب السنن» (٣/ ٢١٥ - ٢٢٠) ثمانية مذاهب.
(٣) «نذكرها و» ساقط من المطبوع.
(٤) البخاري (٦٥٩٩) ومسلم (٢٦٥٨/ ٢٣، ٢٤)، إلا أن هذا لفظ «الموطأ» (٦٤٦).