للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما من مولود إلا يُولَد على الفِطرة، فأبواه يهوِّدانه وينصِّرانه، كما تُنتَج البهيمةُ من بهيمةٍ جمعاء، هل تُحسُّ (١) فيها من جدعاء؟»، قالوا: يا رسول الله، أفرأيت مَن يموت وهو صغيرٌ؟ قال: «الله أعلم بما كانوا عاملين».

ومنها ما في «الصحيحين» (٢) أيضًا عن ابن عباس (٣) - رضي الله عنهما - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - سُئِل عن أولاد المشركين، فقال: «الله أعلم بما كانوا عاملين»، وقد تقدَّمت هذه الأحاديث آنفًا.

وفي «صحيح أبي حاتم بن حبان» (٤)

من حديث جَرير بن حازم: قال سمعت أبا رجاء العُطارِدي قال: سمعتُ ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول وهو على المنبر: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزال أمر هذه الأمة مُؤامًّا (٥) ــ أو: مقاربًا ــ ما لم


(١) في هامش الأصل: «تحسُّون».
(٢) البخاري (٦٥٩٧) ومسلم (٢٦٦٠).
(٣) في هامش الأصل: «عائشة»، وقد روي عنها أيضًا كما سبق ولكن ليس ذلك في «الصحيحين».
(٤) برقم (٦٧٢٤)، ومن طريقه الضياء في «المختارة» (١٣/ ٣). وأخرجه أيضًا البزار (٤٧٣٩) والطبراني في «الأوسط» (٤٠٨٦) وفي «الكبير» (١٢/ ١٦٢) والحاكم (١/ ٣٣) والبيهقي في «القدر» (٤٤٥)، من طرق عن جرير بن حازم به.

قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين ولا نعلم له علّة». بلى له علّة، وهي أنه خولف هؤلاء الرواة عن جرير في رفعه، فرواه من هو أثبت منهم فوقفوه على ابن عباس من قوله، كما عند عبد الله في «السنة» (٨٤٦)، والفريابي في «القدر» (٢٥٩، ٢٦٠)، والبيهقي في «القدر» (٤٤٦ - ٤٤٨). قال البيهقي: إن المرفوع ليس بمحفوظ، والموقوف هو الصحيح. وكذا رجَّح المؤلف كما سيأتي قريبًا.
(٥) في المطبوع: «موائمًا»، خطأ مخالف للأصل. وفي هامش الأصل: «مواتا»، ولعله تصحيف عن «مواتيًا» على ما جاء في بعض مصادر التخريج. ومعنى «مؤامًّا»: مقاربًا، أي: لا يزال أمر هذه الأمة جارياً على القصد والاستقامة. انظر: «النهاية» (٤/ ٦٠٤) وتعليقي على «تهذيب السنن» (٣/ ٢١٦).