للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختلفت الرواية عن أحمد في كراهة الصلاة في البِيَع والكنائس، فعنه ثلاث روايات: الكراهة، وعدمها، والتفريق بين المصوَّرة فتُكرَه الصلاةُ فيها وغير المصوَّرة فلا تُكرَه، وهي ظاهر المذهب. وهذا منقول عن عمر وأبي موسى (١).

ومن كره الصلاةَ فيها احتجَّ بأنَّها من مواطن الكفر والشرك، فهي أولى بالكراهة من الحمام والمَقبرة والمزبلة.

وبأنَّها من أماكن الغضب.

وبأنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الصلاة في أرض بابل، وقال: «إنها ملعونةٌ» (٢)، فعلَّل منعَ الصَّلاة فيها باللعنة. وهكذا كنائسهم هي مواضع اللعنة والسُّخْطَة والغضب ينزل عليهم فيها، كما قال بعض الصحابة: اجتَنِبُوا اليهودَ والنصارى في أعيادهم، فإنَّ السُّخْطة تنزل عليهم (٣).

وبأنَّها من بيوت أعداء الله، ولا يُتعبَّد الله في بيوت أعدائه.

ومَن لم يكرهها قال: قد صلَّى فيها الصحابة، وهي طاهرةٌ، وهي ملكٌ من أملاك المسلمين. ولا يضُرُّ المصلِّيَ شركُ المشرك فيها، فذلك يُشرك (٤)


(١) وابن عباس. انظر: «صحيح البخاري» (باب الصلاة في البيعة) والمصادر السابقة.
(٢) أخرجه أبو داود (٤٩٠، ٤٩١) ــ ومن طريقه البيهقي (٢/ ٤٥١) ــ من حديث علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -. وإسناده ضعيف، فيه جهالة وإرسال. قال ابن عبد البر في «التمهيد» (٥/ ٢٢٣): إسناده ضعيف مجمع على ضعفه، وهو منقطع غير متصل بعليٍّ. وانظر: «أنيس الساري» (٣٩١٢).
(٣) قاله عمر - رضي الله عنه -، وسيأتي تخريجه (ص ٣٤٧).
(٤) في الأصل: «شرك»، ولعل المثبت أشبه.