للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقدمت.

ونزيد هاهنا وجهًا آخر: وهو أن ذلك يتضمن تعليق الحكم على غير السبب المذكور في الحديث، وإلغاء السبب الذي ذكر فيه، وهذا باطلٌ من الوجهين جميعًا، فإنه إنما علّق الاختيار بكونه أسلم على أكثر من أربع، وعندكم الاختيار إنما علّق على اجتماعهن في عقد واحدٍ لو كان اختيارًا. وبالله التوفيق.

فإن قيل: ما تقولون لو أسلم وتحته أمٌّ وبنتها؟

قيل: إن أسلم قبل دخوله بواحدةٍ منهما فسد نكاح الأم، لأنها صارت من أمهات نسائه، وثبت نكاح البنت لأنها ربيبةٌ غير مدخولٍ بأمها. هذا مذهب أحمد وأحد قولي الشافعي، اختاره المزني (١).

وقال في القول الآخر: له أن يختار أيتهما شاء؛ لأن عقد الشرك إنما يثبت له حكم الصحة إذا انضم إليه الاختيار، فإذا اختار الأم فكأنه لم يعقد على البنت، فلا تكون من أمهات نسائه.

والمنازعون له ينازعونه في هذه المقدمة ويقولون: أنكحة الكفار صحيحةٌ يثبت لها أحكام الصحة، ولذلك لو انفردت إحداهما بالنكاح كان صحيحًا لازمًا من غير اختيارٍ، ولهذا فُوِّض إليه الاختيار هاهنا، ولا يصحُّ أن يختار من ليس نكاحها صحيحًا.


(١) انظر: "المغني" (١٠/ ٢٣). والكلام على هذه المسألة هنا مأخوذ منه.