للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعكسُ هذا العقودُ والمطاعم، الأصل فيها الصحة والحلُّ إلا ما أبطله الله ورسوله وحرمه، وهذا تقرر في موضعه.

الثاني: أن هذا لو كان مشروعًا أو مباحًا إباحةَ العفو لكان في المسلمين ولو رجل واحدٌ يفعله في الإسلام قبل التحريم، مع حرصهم على النكاح والاستكثار منه. ألا ترى أنهم فعلوا المتعة لما كانت مباحةً، وشرب الخمر منهم من شربها قبل التحريم.

الثالث (١): أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يسأله عن وقت العقد: هل كان قبل التحريم أو بعده؟ كما لم يسأله عن كيفيته.

الرابع (٢): أن هذا لا يصح على أصول المنازع، فإن أبا حنيفة قال: إذا تزوج الحر بأربع نسوةٍ ثم استرقَّ، فإنه يبطل نكاحهن، ومعلومٌ أنه إنما حرم عليه نكاح ما زاد على الثنتين بالاسترقاق، ونكاح الأربع وقع في الوقت الذي كان يجوز له فيه نكاحهن، فكان يجب ــ على ما ذكروا من التأويلات ــ أن يختار منهن اثنتين؛ لأنه عقد على أربع في حالٍ كان ذلك مباحًا له فيها، ثم ورد التحريم. وهذه المسألة ذكرها محمد بن الحسن في "الجامع الكبير" (٣).

وأما قولكم: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - يجوز أن يكون علم الحال، وأنه تزوجهن في عقد واحدٍ، فخيَّره بين أربع يبتدئ نكاحهن= فهو باطلٌ من الوجوه التي


(١) في الأصل: "الثاني".
(٢) في الأصل: "الثالث".
(٣) لم أجدها في مطبوعته.