للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وهم المنافقون الذين قال الله فيهم: {هُمُ اُلْعَدُوُّ فَاَحْذَرْهُمْ} [المنافقون: ٤]. فولاية القلوب ليست هي المشروطة في الميراث، وإنَّما هو بالتناصر، والمسلمون ينصرون أهل الذمة فيرثونهم، ولا ينصرهم أهل الذمة فلا يرثونهم، والله أعلم.

فصل

الكفار إمَّا أهل حرب وإمَّا أهل عهد، وأهل العهد ثلاثة أصنافٍ: أهل ذمة، وأهل هُدْنَة، وأهل أمان.

وقد عقد الفقهاء لكل صنفٍ بابًا، فقالوا: باب الهدنة، باب الأمان، باب عقد الذمة.

ولفظ الذمة والعهد يتناول هؤلاء كلَّهم في الأصل، وكذلك لفظ الصلح، فإن الذِّمَّة من جنس لفظ العهد والعقد. وقولهم: هذا في ذمة فلان، أصله من هذا: أي في عهده وعقده، أي: فأُلزِمَه بالعقد والميثاق. ثم صار يستعمل في كل ما يمكن أخذ الحق من جهته، سواءٌ وجب بعقده أو بغير عقده، كبدل المتلف فإنه يقال: هو في ذمته. وسواءٌ وجب بفعله، أو بفعل وليه أو وكيله، كولي الصبي والمجنون، وولي بيت المال والوقف، فإن بيت المال والوقف يثبت له حقٌّ وعليه حقٌّ، كما يثبت للصبي والمجنون، ويطالب ولِيُّه الذي له أن يَقبض له ويُقبض ما عليه.

وهكذا لفظ الصلح عام في كل صلح، وهو يتناول صلح المسلمين بعضهم مع بعض، وصلحهم مع الكفار. لكن صار في اصطلاح كثير من الفقهاء أهلُ الذمة عبارةً عمن يؤدي الجزية، وهؤلاء لهم ذمةٌ مؤبَّدةٌ، وهؤلاء قد عاهدوا المسلمين على أن يجري عليهم حكم الله ورسوله، إذ هم مقيمون