للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال سليمان بن مجالد: الذي تولَّى الوقوف على خطِّ بغداد الحجَّاج بن أرطاة وجماعةٌ من أهل الكوفة (١).

وكذلك سامَرَّا بناها المتوكِّل (٢).

وكذلك المَهْديَّة التي بالمغرب (٣)، وغيرها من الأمصار التي مصَّرها المسلمون.

فهذه البلاد صافيةٌ للإمام، إن أراد الإمام أن يُقِرَّ أهلَ الذمة فيها ببذل الجِزْيَة جاز. فلو أقرَّهم الإمام على أن يُحدِثوا فيها بِيعةً أو كنيسةً أو يُظهِروا (٤) فيها خمرًا أو خنزيرًا أو ناقوسًا لم يجُزْ. وإن شرط ذلك وعقد عليه الذمة كان العقد والشرط فاسدًا. وهو اتفاقٌ من الأمة لا يعلم بينهم فيه نزاعٌ.

قال الإمام أحمد (٥): حدثنا حماد بن خالد الخيَّاط، أخبرنا الليث بن


(١) ذكره الطبري في «التاريخ» (٧/ ٦١٨). وانظر: «تاريخ بغداد» (٩/ ١٣٣).
(٢) قال ياقوت (٣/ ١٧٤) وغيره: إن الذي بناها المعتصم (والد المتوكل) سنة ٢٢١. وذكر الإصطخري في «مسالك الممالك» (ص ٨٥ - ٨٦) أنه «ابتدأها المعتصم وتمَّمها المتوكل».
(٣) أنشأها عبيد الله المهدي، أول خلفاء العبيدية الباطنية الذين ملكوا مصر والمغرب، وذلك سنة ٣٠٣. انظر: «معجم ياقوت» (٥/ ٢٣٠ - ٢٣١). وهي اليوم مدينة ساحلية في الجمهورية التونسية.
(٤) في الأصل: «يظهر»، والسياق يقتضي المثبت.
(٥) كما في «جامع الخلال» (٢/ ٤٢٥) عن عبد الله بن أحمد عنه، وهو مرسل أو معضل. ولعل الراوي الذي أبهمه توبة هو عبد الرحمن بن جسَّاس المصري (من صغار التابعين)، فإن نافع بن يزيد المصري رواه عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا، كما في «التاريخ الكبير» للبخاري (٥/ ٢٦٩). وأخرجه البيهقي (١٠/ ٢٤) من طريق النضر بن عبد الجبَّار ــ وهو أبو الأسود المصري ــ عن ابن لَهِيعة عن عطاء عن ابن عباس مرفوعًا، وإسناده إلى النضر واهٍ، والصواب ما رواه عنه أبو عبيد كما سيأتي قريبًا.