للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في السنة التي مات فيها عبد الملك بن مروان.

وأمَّا بغداد فقال سليمان بن مجالد وزير أبي جعفر: خرجتُ مع أبي جعفرٍ يومًا قبل أن نَبْتني مدينة بغداد، ونحن نرتاد موضعًا نبني فيه مدينةً يكون فيها عسكرُه، قال: فبصُرنا بِقَسٍّ شيخٍ كبيرٍ ومعه جماعةٌ من النصارى، فقال: اذهب بنا إلى هذا القَسِّ نسأله، فمضى إليه فوقف عليه أبو جعفر فسلَّم عليه ثم قال: يا شيخ، أبلغك أنَّه يُبنَى هاهنا مدينة؟ قال: نعم، ولستَ بصاحبها. قال: وما عِلمُك؟ قال القَسُّ: وما اسمك؟ قال اسمي عبد الله. قال: فلستَ بصاحبها. قال: فما اسمُ صاحبها؟ قال: مِقْلاص. قال: فتبسَّم أبو جعفرٍ وأصغى إليَّ فقال: أنا والله مِقْلاص، كان أبي يُسمِّيني وأنا صغيرٌ مِقْلاصًا، فاختطَّ موضعَ مدينةِ أبي جعفرٍ (١).

وتحوَّل أبو جعفرٍ من الهاشمية إلى بغداد وأمر ببنائها، ثم رجع إلى الكوفة في سنة أربع وأربعين ومائة. وفرغ من بنائها ونَزَلها مع جنده وسمَّاها «مدينة السلام» سنة خمسٍ وأربعين. وفرغ من بناء الرُّصَافة (٢) سنة أربع وخمسين ومائة (٣).


(١) ذكره الطبري في «التاريخ» (٧/ ٦١٥) عن سليمان بن مجالد بنحوه. وانظر أيضًا في خبر الراهب (٧/ ٦١٧) و «تاريخ بغداد» (١/ ٣٧٤).
(٢) وهي محلَّة ببغداد بالشرقية.
(٣) انظر: «تاريخ بغداد» (١/ ٣٧٦، ٣٩٢).