للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: يصح النكاح (١). وخرَّجه الأصحاب (٢) وجهًا في المذهب بناءً على قبول شهادة بعضهم على بعضٍ.

وحجة من أبطله قوله: "لا نكاحَ إلا بولي وشاهدَيْ عدلٍ" (٣)، وأن الشهادة إنما شُرطت لإثبات الفراش عند التجاحد، ولا يمكن إثباته بشهادة الكفار، وبأن شهادتهم كلا شهادةٍ، فقد خلا النكاح عن الشهادة، وبأن النكاح لو انعقد بشهادتهما لسمعت شهادتهما على المسلم فيما يرجع إلى حقوق النكاح من وجوب المهر والنفقة والسكنى، وهذا ممتنعٌ.

قال المجوِّزون: الشهادة في الحقيقة للمسلم على الكافرة، لأنهما يشهدان عليها بإثبات ملْكِ بُضْعها له أصلًا، فهي في الحقيقة شهادة كافرٍ على كافرٍ، ونحن نقبلها، فنصحح العقد بها. وأما حقوق النكاح فإنما تثبت ضمنًا وتبعًا، ويثبت في التبع ما لا يثبت في المتبوع، ونظائره كثيرةٌ جدًا.

فصل

ولا يكون الكافر مَحْرمًا للمسلمة. نصَّ عليه أحمد، فقال أبو الحارث (٤):


(١) انظر: "الاختيار لتعليل المختار" (٣/ ٨٤).
(٢) انظر: "المغني" (٩/ ٣٤٩).
(٣) أخرجه ابن حبان (٤٠٧٥) من حديث عائشة بزيادة "وشاهدي عدل"، وقال: ولا يصح في ذكر الشاهدين غير هذا الخبر. وإسناده حسن. وراجع كلام الدارقطني (٣/ ٢٥٥ - ٢٥٦) والبيهقي (٧/ ١٢٤ - ١٢٥) على هذه الزيادة ومن رواها.
(٤) "الجامع" للخلال (١/ ٢٢٩).