للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكفر، وأَطلع الله الخضرَ على ذلك، فقد يقول القائل: قَتْلُه بالفعل كقتل نوح لأطفال الكفار بالدعوة المستجابة التي أغرقت أهل الأرض لِما علم أنَّ آباءهم لا يلدوا (١) إلا فاجرًا كفارًا، فدعا عليهم بالهلاك العامِّ دفعًا لشرِّ أطفالهم في المستقبل.

وقوله: {وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا} [نوح: ٢٩] لا ينافي كونهم مولودين على الفطرة الصحيحة، فإنَّ قوله: {فَاجِرًا كَفَّارًا} حالان مقدَّرتان، أي من سيفجر ويكفر.

فصل (٢)

وأمَّا تفسيره (٣) قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه» أنه (٤) أراد به مجرَّد الإلحاق في أحكام الدنيا دون تغيير الفطرة= فهذا خلاف ما دلَّ عليه الحديث، فإنَّه شبَّه تكفير الأطفال بجدع البهائم تشبيهًا للتغيير بالتغيير.

وأيضًا: فإنَّه ذكر هذا الحديث لما قتلوا أولادَ المشركين، ونهاهم عن قتلهم، وقال: «أليس خياركم أولاد المشركين؟ كل مولود يولد على الفطرة» (٥)، فلو أراد أنَّه تابعٌ لأبويه في الدنيا لكان هذا حجةً لهم، يقولون:


(١) كذا على الحكاية للفظ الآية.
(٢) انظر: «درء التعارض» (٨/ ٤٣٠) و «شفاء العليل» (٢/ ٤٣٤).
(٣) أي تفسير إسحاق بن راهويه، وقد سبق حكاية قوله (ص ١٦٩).
(٤) في هامش الأصل: «إن».
(٥) جزء من حديث الأسود بن سريع، وقد سبق (ص ١١٤).