للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال محمد بن نصر: فقوله: «ثم ولدوا على ذلك» زيادةٌ منه ليست في الكتاب، ولا جاء في شيء من الأخبار. وسنذكر الأخبار المروية في تأويل هذه الآية لنبيِّن للناظر فيها أنَّه لا حجةَ له فيها، وأنَّه لا دليلَ في شيء منها أنَّ الأطفال يُولَدون وهم عارفون بالله من وقت سُقُوطهم من بطون أمهاتهم.

قلت: قوله: «ثم ولدوا على ذلك» إن أراد به أنَّهم وُلِدوا حال سقوطهم وخروجهم مِن بطون أمهاتهم عالِمين بالله وتوحيده وأسمائه وصفاته، فقد أصاب في الرد عليه. وإن أراد أنَّهم وُلِدوا على حكم ذلك الأخذ، وأنَّهم لو تركوا لَما عدلوا عنه إذا عقلوا، فهو الصواب الذي لا يُرَدُّ.

قال محمد: فمِن أجلِّ ما روي في تأويل هذه الآية حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: حدثنا يحيى قال: قرأت على مالك (١)، عن زيد بن أبي أُنَيسة، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد (٢) بن الخطاب، عن مسلم بن يَسَار الجُهَني أنَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - سئل عن هذه الآية: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتِهِمْ}، فقال: سمعتُ رسول الله


(١) وهو في «الموطأ» (٢٦١٧). وأخرجه أحمد (٣١١) وأبو داود (٤٧٠٣) والترمذي (٣٠٧٥) والنسائي في «الكبرى» (١١١٢٦) وغيرهم. قال الترمذي: «هذا حديث حسن، ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر، وقد ذكر بعضهم في هذا الإسناد بين مسلم بن يسار وبين عمر رجلًا»، وسيأتي في الرواية الآتية.
(٢) في الأصل: «يزيد»، تصحيف.