للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالتزام شريعة الإسلام التي رفع الله بها عنهم الآصار والأغلال، فإذا لم يلتزم شريعة الإسلام وأقام على اليهودية لم ينفعه اعتقاده دون انقياده شيئًا. كما لو اعتقد أن محمدًا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم ينقَدْ للإسلام ومتابعته.

وأما قوله: ويلزمهم أن لا يأكلوا ما ذبحه يهودي يوم سبتٍ، فهذا لا يمنع أن يلتزموه، فإنهم إن اعتقدوا تحريمَ ما ذبحوه يومَ السبت كان بمنزلة ما ذبحوه من دوابِّ الظُّفُر، وإن لم يعتقدوا تحريمه كان من طعامهم، فكان حلالًا. ولأصحاب هذا القول في بقاء تحريم السبت عليهم قولان.

وأما صيدُهم الحيتانَ يوم السبت فخفي على أبي محمد (١) أن غايتها أن تكون ميتةً، وميتة السمك حلالٌ، ولهذا لا يحرم ما صاده منه المجوسي والوثني في أصحِّ قولي العلماء، وهما روايتان عن الإمام أحمد في السمك والجراد (٢)، فلم يتناقضوا فيه كما زعمتَ.

وأما فتاوى من ذكرتَ من الصحابة بحلِّ ذبائح أهل الكتاب فنعم، لعَمْر الله لا يُعرف عنهم فيها خلافٌ، وليس الكلام فيها، والصحابة إنما أفتَوا بحلِّ جنس ذبائحهم، وأنها تخالف ذبائح المجوس، ولم يريدوا بذلك حلَّ ما لا يعتقدونه من ذبائحهم وأطعمتهم، فلا يُحفظ عن الصحابة التصريحُ بهذا ولا هذا، وبالله التوفيق.

المسألة الخامسة: في الطَّرِيفا، وهو ما لصِقَتْ رئتُه بالجَنْب، هل يحرم


(١) أي ابن حزم.
(٢) انظر: "المغني" (١٣/ ٢٩٩، ٣٠٠).