للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وفيه عن أحمد ثلاث روايات منصوصات (١):

إحداها: أنَّه يصير مسلمًا، واحتجَّ بالحديث.

والثانية: لا يصير بذلك مسلمًا، وهي قول الجمهور، واختيار شيخنا.

والثالثة: إنْ كَفَله المسلمون كان مسلمًا، وإلا فلا. وهي الرواية التي اخترناها، وذكرنا لفظ أحمد ونصَّه فيها (٢).

واحتجَّ شيخنا على أنَّه لا يُحكم بإسلامه بأنَّه إجماعٌ قديمٌ من السلف والخلف. قال: وهو ثابتٌ بالسنة التي لا ريب فيها، فقد عُلِم أنَّ أهل الذمة كانوا على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة، ووادي القرى، وخيبر، ونجران، وأرض اليمن، وغير ذلك، وكان فيهم من يموت وله ولدٌ صغيرٌ، ولم يحكم النبي - صلى الله عليه وسلم - بإسلام يتامى أهل الذمة. وكذلك خلفاؤه، كان أهل الذمة في زمانهم طَبَق الأرض بالشام ومصر والعراق وخراسان، وفيهم مِن يتامى أهل الذمة عددٌ كثيرٌ، ولم يحكموا بإسلام أحدٍ منهم، فإنَّ عقد الذِّمَّة اقتضى أن يتولى بعضُهم بعضًا، فهم يتولَّون حَضانة يتاماهم كما كان الأبوان يتولَّون (٣) حضانة أولادهما.

وأحمد يقول: إنَّ الذمي إذا مات ورثه ابنُه الطفل، مع قوله: إنَّه يصير مسلمًا، لأنَّ أهل الذمة ما زال أولادهم يرثونهم، ولأنَّ الإسلام حصل مع


(١) تقدَّمت (ص ٨٦ - ٩٤) من «جامع الخلال». وقد ذكر شيخ الإسلام في «الدرء» (٨/ ٤٣٤) الروايتين الأوليين دون الثالثة.
(٢) انظر: (ص ١٠١).
(٣) في المطبوع: «يتوليان». والمثبت من الأصل موافق لمصدر النقل.