للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ببطلان الوقف على البِيعة وعَوْد الوقف مِلكًا للورثة. وقد منع أحمد المسلم من كراء منزله من الكافر، فكيف يجوِّز الوصية بما يزيّن به الكنيسة وعملها؟

وكذلك من ذكر جوازَ مثل هذه الوصية من أصحاب الشافعي فقد خالف نصوصه وأصوله، فإنه قال في كتاب الجزية من "الأم" (١): لو أوصى ــ يعني الذمي ــ بثلث ماله أو بشيء منه يُبنى به كنيسةٌ لصلاة النصارى، أو يستأجر به خَدَمَ الكنيسة، أو يعمر به، أو ما في هذا المعنى= كانت الوصية باطلةً (٢). ولو أوصى أن يبنى بها كنيسةٌ ينزِلُها مارُّ الطريق، أو وقفَها على قومٍ يسكنونها= جازت الوصية، وليس في بنيان الكنيسة معصيةٌ إلا أن تُتَّخذ لمصلى النصارى الذين اجتماعهم فيها على الشرك. قال (٣): وأكره للمسلم أن يعمل بناءً أو نجارةً أو غير ذلك في كنائسهم التي لصلاتهم. هذا لفظه.

قال في "المغني" (٤): والوقف على قناديل البِيعة وفَرْشها ومن يَخدِمها ويَعمُرها كالوقف عليها؛ لأنه يراد لتعظيمها، وسواءٌ كان الواقف مسلمًا أو ذميًّا. قال أحمد (٥) في نصارى وقفوا على البِيعة ضِياعًا كثيرةً، وماتوا ولهم أبناءٌ نصارى، فأسلموا والضِّياع بيد النصارى: فلهم أخذُها، وللمسلمين عونُهم يستخرجونها من أيديهم.


(١) (٥/ ٥١٠).
(٢) في الأصل: "باطلا".
(٣) أي الشافعي في "الأم". والكلام مستمر.
(٤) (٨/ ٢٣٥).
(٥) تقدمت هذه الرواية قريبًا.