للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو حنيفة: إن تزوجها على أن لا مهرَ لها فلا شيء لها، وإن سكت عن ذكره فعنه روايتان، إحداهما: لا مهر لها. والأخرى: لها مهر المثل.

قال من رجَّح هذا القول: المهر وجب في النكاح لحقِّ الله، ولهذا لو أسقطاه وتعاقدا على أن لا مهر لها لم يسقط، والذمي لا يُطالَب بحقوق الله من زكاةٍ ولا حجٍ ولا غير ذلك.

وأيضًا فنحن نُقِرُّهم على أنكحتهم ما لم يكن المفسد مقارنًا للإسلام في حالة (١) الترافع إلينا، وعدم ثبوت المهر في هذه الحالة لا يقتضي فرضه فيها، وما قبل ذلك لا يتعرض لهم فيه، وهذا قول قوي جدًّا.

فصل (٢)

في ضابط ما يصحُّ من أنكحتهم وما لا يصحُّ

إذا ارتفعوا إلى الحاكم في ابتداء العقد لم يزوِّجهم إلا بشروط نكاح الإسلام، لقوله عز وجل: {وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} [المائدة: ٤٤]، وقوله: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [المائدة: ٥١].

وإن أسلموا أو ترافعوا إلينا بعد العقد لم ننظر إلى الحال التي وقع العقد عليها ولم نسألهم عنها، ونظرنا إلى الحال التي أسلموا أو ترافعوا فيها، فإن


(١) في الأصل: "وحالة".
(٢) انظر: "المغني" (١٠/ ٣٦).