للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجواب الثاني: جواب الإمام أحمد، قال في رواية ابنه صالحٍ (١): قال الله تعالى: {وَلَا تَنكِحُوا اُلْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ}، وقال في سورة المائدة، وهي آخر ما نزل من القرآن: {وَاَلْمُحْصَنَاتُ مِنَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اُلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ}.

فصل

فإن قيل: فإذا كان قوله: {وَاَلْمُحْصَنَاتُ مِنَ اَلَّذِينَ أُوتُوا اُلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ} المراد به إحصان العفة لا إحصان الحرية، فمن أين حرمتم نكاح الأمة الكتابية؟

قيل: الجواب من وجهين (٢)، أحدهما: أن تحريم الأمة الكتابية لم ينعقد عليه الإجماع، فأبو حنيفة يجوِّزه (٣). وقد قال أحمد في رواية ابن القاسم (٤): الكراهة في إماء أهل الكتاب ليست بالقوية، إنما هو شيء تأوله الحسن ومجاهدٌ. هذا نصه.

وهذا من نصِّه كالصريح بأنه ليس بمحرَّمٍ، وأقلُّ ما في ذلك توقُّفه عن التحريم، لكن قال الخلال (٥): توقُّف أحمد في رواية ابن القاسم لا يَرُدُّ قول


(١) "الجامع" للخلال (١/ ٢٤٥). وهي في "مسائله" (٢/ ٢٢٣).
(٢) انظر: "المغني" (٩/ ٥٥٤).
(٣) انظر: "الاختيار لتعليل المختار" (٣/ ٨٨).
(٤) "الجامع" للخلال (١/ ٢٧٩).
(٥) الذي في "الجامع" له (١/ ٢٨٠): لم ينفذ لأبي عبد الله قول يعمل عليه في هذا، وإنما حكى قلة تقوية ذلك عنده. والعمل على ما روى عنه الجماعة من كراهية ذلك. وانظر: "المغني" (٩/ ٥٥٤).