للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تأوَّلت الشيعةُ الآية على غير تأويلها، فقالوا: "المحصنات من المؤمنات" من كانت مسلمةً في الأصل، "والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم" من كانت كتابيةً ثم أسلمت.

قالوا: وحمَلَنا على هذا التأويل قوله تعالى: {وَلَا تَنكِحُوا اُلْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: ٢١٩]، وأي شركٍ أعظم من قولها: الله ثالث ثلاثةٍ؟! وقوله تعالى: {وَلَا تُمَسِّكُوا بِعِصَمِ اِلْكَوَافِرِ} [الممتحنة: ١٠].

وأجاب الجمهور بجوابين (١):

أحدهما: أن المراد بالمشركات الوثنيات.

قالوا: وأهل الكتاب لا يدخلون في لفظ المشركين في كتاب الله تعالى. قال تعالى: {لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ} [البينة: ١]، وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا} [الحج: ١٧].

وكذلك الكوافر المنهيّ عن التمسك بعصمتهن إنما هن (٢) المشركات، فإن الآية نزلت في قصة الحديبية، ولم يكن للمسلمين زوجاتٌ من أهل الكتاب إذ ذاك، وغاية ما في ذاك التخصيص، ولا محذورَ فيه إذا دلَّ عليه دليلٌ.


(١) انظر: "المغني" (٩/ ٥٤٥، ٥٤٦).
(٢) في الأصل: "هي".