للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعن عاصرَ الخمر ومعتصرها (١)، والعاصر إنما يعصر عصيرًا، لكن إذا رأى أن المعتصر يريد أن يتخذه خمرًا أو عصيرًا استحقَّ اللعنة، وهذا أصلٌ مقرَّرٌ في غير هذا الموضع، لكن معاصي الذمي قسمان:

أحدهما: ما اقتضى عقدُ الذمة إقرارَه عليها.

والثاني: ما اقتضى عقدُ الذمة منْعَه منها أو من إظهارها.

فأما القسم الثاني فلا ريبَ أنه لا يجوز على أصل أحمد أن يؤاجر أو يبايع إذا غلب على الظنّ أنه يفعل ذلك كالمسلم وأولى.

وأما القسم الأول فعلى ما قاله ابن أبي موسى: يُكره ولا يحرم؛ لأنا قد أقررناه على ذلك، وإعانته على سكنى هذه الدار كإعانته على سكنى دار الإسلام، فلو كان هذا من الإعانة المحرمة لما جاز إقرارهم بالجزية. وإنما كُرِه ذلك؛ لأنه إعانةٌ من غير مصلحةٍ لإمكان بيعها من مسلم، بخلاف الإقرار بالجزية فإنه جاز لأجل المصلحة. وعلى ما قاله القاضي: لا يجوز؛ لأنه إعانةٌ على ما يستعين به على المعصية من غير مصلحةٍ تقابل هذه المفسدة، فلم يجز، بخلاف إسكانهم دار الإسلام، فإن فيه من المصالح ما هو مذكورٌ في فوائد إقرارهم بالجزية.

فصل

وحقيقة الأمر أن الكفار ممنوعون من الاستيلاء على ما ثبت للمسلمين


(١) تقدم تخريجه.