للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه حقٌّ من عقارٍ أو رقيقٍ أو زوجةٍ مسلمةٍ أو إحياء مواتٍ أو تملُّكٍ بشفعةٍ من مسلم؛ لأن مقصود الدعوة أن تكون كلمة الله هي العليا (١)، وإنما أُقِرُّوا بالجزية للضرورة العارضة، والحكم المقيد بالضرورة مقدَّرٌ بقدرها، ولهذا لم يثبت عن واحدٍ من السلف لهم حقُّ شفعةٍ على مسلم، وأخذ بذلك الإمام أحمد، وهي من مفرداته التي برز بها على الثلاثة؛ لأن الشِّقص يملكه المسلم إذا أوجبنا فيه شفعةً لذمي كنّا قد أوجبنا على المسلم أن ينقل الملك في عقاره إلى كافرٍ بطريق القهر للمسلم، وهذا خلاف الأصول.

والشفعة في الأصل إنما هي من حقوق أحد الشريكين على الآخر، بمنزلة الحقوق التي تجب للمسلم على المسلم، كإجابة الدعوة وعيادة المريض، وكمنعه أن يبيع على بيع أخيه أو يخطب على خطبته.

قال عبد الله بن أحمد (٢): سألت أبي عن الذمي اليهودي والنصراني لهم شفعةٌ؟ قال: لا، قلت: المجوسي؟ قال: ذاك أشدُّ.

وقال حربٌ (٣): سألت أحمد قلت: أهل الذمة لهم شفعةٌ؟ قال: لا.

وقال أبو داود (٤): سمعت أبا عبد الله يُسأل: للذمي شفعةٌ؟ قال: لا.

وكذلك نقل أبو طالب وصالحٌ وأبو الحارث والأثرم، كلهم قالوا


(١) انظر: "اقتضاء الصراط المستقيم" (٢/ ٤٠)، فقد نقل عنه المؤلف ما يأتي.
(٢) "الجامع" للخلال (٣٢٣).
(٣) المصدر نفسه (٣٢٤).
(٤) المصدر نفسه (٣٢٥)، و"مسائله" (ص ٢٧٦).