للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثانية (١): إن كان المعتق له مسلمًا فلا جزيةَ عليه، لأن عليه الولاءَ لسيِّده، وهو شعبةٌ من الرقّ، وكأنه عبد المسلم.

قلت: وهي مسألة اختلف فيها التابعون، فعمر بن عبد العزيز أخذ منه الجزية، والشعبي لم ير عليه جزيةً وقال: ذمته ذمة مولاه. حكاه أحمد عنهما (٢).

فصل (٣)

ومن أسلم سقطت عنه الجزية، سواءٌ أسلم في أثناء الحول أو بعده، ولو اجتمعت عليه جزيةُ سنين ثم أسلم سقطتْ كلُّها. هذا قول فقهاء المدينة وفقهاء الرأي وفقهاء الحديث، إلا الشافعي وأصحابه فإنه قال: إن أسلم بعد الحول لم تسقط؛ لأنه دَينٌ استحقَّه صاحبه، واستحقَّ المطالبةَ به في حال الكفر، فلم تسقط بالإسلام، كالخراج وسائر الديون. وله ــ فيما إذا أسلم في أثناء الحول ــ قولان، أحدهما: أنها تسقط. والثاني: أنها تُؤخذ بقسطه.

والصحيح الذي لا ينبغي القول بغيره سقوطها، وعليه تدلُّ سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنة خلفائه، وذلك من محاسن الإسلام وترغيبِ الكفار فيه. وإذا كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطي الكفار على الإسلام حتى يسلموا يتألَّفُهم بذلك، فكيف يُنفَّر عن الدخول في الإسلام من أجل دينارٍ؟ فأين هذا من ترك


(١) "والثانية" ليست في المطبوع.
(٢) كما في "الجامع" للخلال (١/ ١٨١).
(٣) انظر: "المغني" (١٣/ ٢٢١).