للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - فقال: "مَنَعتِ العراقُ درهمَها وقَفيزَها (١)، ومنعت الشام دينارها ومُدْيَها (٢)، ومنعتْ مصر دينارها وإردَبَّها (٣)، وعُدتم كما بدأتم" ثلاث مراتٍ. والمعنى: سيُمْنَع ذلك في آخر الزمان (٤).

فصل (٥)

فأما قدر الخراج المضروب فمعتبرٌ بما تحتمله الأرض، نصَّ عليه أحمد في رواية أحمد بن داود (٦)، وقد سئل عن حديث عمر - رضي الله عنه -: وضع على جريب الكَرْم كذا، وعلى جريب الزرع كذا، أهو شيء موظَّفٌ (٧) على الناس لا يُزاد عليهم أو إن رأى الإمام غيرَ هذا زاد ونقص؟ قال: بل هو على رأي الإمام، إن شاء زاد عليهم وإن شاء نقص. وقال: وهو بيِّنٌ في حديث عمر


(١) القفيز: مكيال معروف لأهل العراق، وهو ثمانية مكاكيك، والمكُّوك صاع ونصف.
(٢) المُدْي: مكيال معروف لأهل الشام، يسع خمسة عشر مكُّوكًا.
(٣) الإردبُّ: مكيال معروف لأهل مصر، يسع أربعة وعشرين صاعًا.
(٤) هذا الحديث من أعلام النبوة، فإن هذه الأقطار الثلاثة لم تكن قد فتحت في عصر النبوة، ففيه إشارة إلى أنها ستُفتح ويجيء حقّ بيت المال من أموالها وغلّاتها، ثم تحدث الفتن وينقطع عنها ذلك. وهذا ما حدث بسبب ضعف الدولة الإسلامية المركزية وتفككها.
(٥) اعتمد فيه المؤلف على "الأحكام السلطانية" لأبي يعلى (ص ١٦٥ - ١٦٧).
(٦) كذا في الأصل. وعند أبي يعلى: "محمد بن داود". وكلاهما من تلاميذ الإمام أحمد كما في "طبقات الحنابلة" (١/ ٤٣، ٢٩٦)، إلَّا أن محمدًا أشهر، فقد كان من خواصّ أصحابه ورؤسائهم، وكان الإمام يكرمه ويحدّثه بأشياء لا يحدِّث بها غيره.
(٧) من: وظَّف عليه الخراجَ ونحوه: قدَّره وألزمه. وعند أبي يعلى: "موصوف" تحريف.