للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من قطع. وقد روى عنه هذه المسألة أكثرُ من عشرين نفسًا أنه لا يجوز.

فالمسألة إذن مسألة نزاعٍ، والحجة تَفصِل بين المتنازعين (١).

قال المبيحون: قال الله تعالى: {فَاَنكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ اَلنِّسَاءِ} [النساء: ٣]، فإذا طابت له الأمة الكتابية فقد أذن له في نكاحها. وقال تعالى: {وَأَحَلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤]، ولم يذكر في المحرمات الأمة الكتابية. وقال تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ} [النور: ٣٢]، والمراد بالصالحين من صلُح للنكاح، هذا أصحُّ التفسيرين. وذهبت طائفةٌ إلى أنه الإيمان (٢). والأول أصح، فإن الله سبحانه لم يأمرهم بإنكاح أهل الصلاح والدين خاصةً من عبيدهم وإمائهم، كما لم يخصَّهم بوجوب الإنفاق عليهم، بل يجب على السيد إعفافُ عبده وأمته كما يجب عليه الإنفاق عليه، فإن ذلك من تمام مصالحه وحقوقه على سيده، فقد أطلق الأمر بتزويج الإماء مسلماتٍ كنّ أو كافراتٍ، ولم يمنع من تزويج الأمة الكافرة بمسلم.


(١) انظر الكلام عليه في "مجموع الفتاوى" (٣٢/ ١٨١ - ١٩٠)، و"زاد المعاد" (٥/ ١٧٧، ١٧٨)، و"المغني" (٩/ ٥٥٤)، و"الاستذكار" (١٦/ ٢٦٣، ٢٦٤) و"الحجة على أهل المدينة" (٣/ ٣٥٩، ٣٦٠).
(٢) انظر: "زاد المسير" (٦/ ٣٦).