السابع: أنه قال للذي أسلم على أختين: "طلِّقْ أيتَهما شئتَ"، وهذا لا معنى له على قول المنازع، فإنه إن تزوَّج إحداهما بعد الأخرى فنكاح الثانية باطلٌ، وليست محلًّا للطلاق، وإن تزوَّجهما معًا فنكاحهما عنده باطلٌ، وليست واحدةٌ منهما محلًّا للطلاق.
الثامن: أن في بعض طرق الحديث: "أمسِكْ إحداهما"، وهذا على قولكم لا يتأتى، فإنه إن جمعهما في عقد لم يكن له سبيلٌ على واحدةٍ منهما حتى يمسكهما، وإن سبق عقد إحداهما الأخرى كان الواجب عندكم أن يقال: أَمسِكِ الأولى دون الثانية، وهذا لا يصح أن يعبَّر عنه بقوله:"أمسِكْ إحداهما" و"أيتَهما شئتَ".
وأما قولكم: إن هذا يجوز أن يكون في الوقت الذي كان يجوز فيه العقد على أكثر من أربع، فجوابه من وجوهٍ:
أحدها: أنه لا يُعلم أنه كان العقد على أكثر من أربع جائزًا في وقتٍ من الأوقات في الإسلام، لا قبل الهجرة ولا بعدها، ولو كان ذلك لنُقِل مع ما نُقِل من الناسخ والمنسوخ، ولم ينقل أحدٌ هذا قطُّ.
فإن قيل: نحن لم ندَّعِ أن ذلك أبيح لفظًا ثم نُسِخ، بل كان على أصل الإباحة والعفو حتى حرَّمه القرآن.
قيل: هذا لا يصح، فإن الأصل في الفروج التحريم إلا ما أباحه الله ورسوله، كما أن الأصل في العبادات البطلان إلا ما شرعه الله ورسوله،