للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَقتحِم النَّار وهي أشدُّ العذاب؟ والطفل ومَن لا يعقل أحرى بأن لا يُمتحَن بذلك.

فالجواب من وجوه:

أحدها: أنَّ أحاديث هذا الباب قد تَضَافرَت، وكثُرَت بحيث يشدُّ بعضُها بعضًا، وقد صحَّح الحفَّاظ بعضَها كما صحَّح البيهقيُّ وعبدُ الحق (١) وغيرهما حديث الأسود بن سريع.

وحديث أبي هريرة إسناده صحيح متصلٌ. ورواية معمر له عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة موقوفًا لا تضُرُّه، فإنَّا إن سلكنا طريق الفقهاء والأصوليين في الأخذ بالزيادة من الثقة فظاهرٌ، وإن سلكنا طريق الترجيح ــ وهي طريقة المحدثين ــ فليس مَن رَفَعه بدون من وَقَفه في الحفظ والإتقان.

الوجه الثاني: أنَّ غاية ما يُقدَّر فيه أنَّه موقوف على الصحابي. ومثل هذا لا يُقدِم عليه الصحابيُّ بالرأي والاجتهاد، بل نجزم بأنَّ ذلك توقيفٌ لا عن رأي.

الوجه الثالث: أنَّ هذه الأحاديث يشُدُّ بعضُها بعضًا، فإنَّها قد تعدَّدت طرقُها، واختلفتْ مخارجها، فيَبعُد كلَّ البعد أن تكون باطلةً على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يتكلَّم بها، وقد رواها أئمة الإسلام ودوَّنوها ولم يطعنوا فيها.


(١) لم أقف على توثيقهما له، وعبد الحق قد ذكره في «الأحكام الكبرى» (٣/ ٤٠٦) ولكن ليس فيه تصحيحه، والذي في كتابي البيهقي «القدر» و «الاعتقاد» أنه صحَّح إسناد حديث أبي هريرة كما سبق.