للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الوجه الرابع: أنَّها هي المُوافِقة للقرآن وقواعد الشرع، فهي تفصيلٌ لِما أخبَرَ به القرآنُ أنَّه لا يعذَّب أحدٌ إلَّا بعد قيام الحُجَّة عليه. وهؤلاء لم تقُمْ عليهم حُجَّةُ الله في الدُّنيا، فلا بُدَّ أن يقيم حجَّته عليهم. وأحَقُّ المواطن أن تُقامَ فيه الحُجَّة يومَ يقوم الأشهاد، وتُسمَع الدعاوى، وتقام البينات، ويختصم الناس بين يدي الرب، وينطق كلُّ أحد بحُجَّته ومعذرته، فلا تنفع الظالمين معذرتهم وتنفع غيرهم.

الوجه الخامس: أنَّ القول بموجبها هو قول أهل السنة والحديث كما حكاه الأشعري عنهم في «المقالات» (١) وحكى اتفاقهم عليه، وإن كان قد اختار هو فيها أنَّهم مردودون إلى المشيئة، وهذا لا يُنافي القولَ بامتحانهم، فإنَّ ذلك هو مُوجَب المشيئة.

الوجه السادس: أنَّه قد صحَّ بذلك القولُ بها (٢) عن جماعة من الصحابة، ولم يصِحَّ عنهم إلا هذا القول. والقول بأنَّهم خَدَمُ أهل الجنة صحَّ عن سلمان، وفيه حديث مرفوعٌ قد تقدَّم، وأحاديث الامتحان أكثر وأصحُّ وأشهر.

الوجه السابع: قوله: «وأهل العلم ينكرون أحاديث هذا الباب»، جوابه أنَّه وإن أنكرها بعضهم فقد قَبِلها الأكثرون، والذين قَبِلوها أكثر من الذين


(١) كذا، وهو وهم أو سبق قلم، فإنه إنما حكى ذلك في «الإبانة» (ص ١٢). وأما في «المقالات» (ص ٢٩٦)، فحكى عنهم أن الأطفال مردودون إلى المشيئة. وقد سبق نقل المؤلف عنهما على الصواب قريبًا.
(٢) كذا في الأصل، ولعل العبارة أقوَم بحذف «بها».