للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحديث الذي رواه أحمد (١) عن عبد الصمد، حدثنا حمادٌ، حدثنا الجُرَيري، عن أبي نضرة أنَّ رجلًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يقال له أبو عبد الله دخل عليه أصحابه يعودونه وهو يبكي، فقالوا له: ما يبكيك؟ قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «إن الله قبض قبضةً بيمينه، وأخرى بيده الأخرى، فقال: هذه لهذه، وهذه لهذه، ولا أبالي» فلا أدري في أي القبضتين أنا.

وكذلك حديث المَقبُري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - يرفعه الذي تقدَّم (٢) هو وغيرُه من الأحاديث التي فيها: أنَّ الله أخرج ذرية آدم من ظهره وأراه إياهم، وجعل أهل السعادة في قبضته اليمنى، وأهل الشقاوة في القبضة الأخرى.

وأمَّا الآثار التي فيها أنَّه استنطقهم وأشهدهم وخاطبهم فهي بين موقوفةٍ ومرفوعةٍ لا يصح إسنادها؛ كحديث مسلم بن يسار، وحديث هشام بن حكيم بن حزام، فإنَّ في إسناده بقيةَ بن الوليد وراشدَ بن سعدٍ وفيهما مقال (٣)، وأبو (٤) قتادة النصري وهو مجهولٌ.

وبالجملة: فالآثار في إخراج الذرية من ظهر آدم وحصولهم في القبضتَين كثيرةٌ لا سبيل إلى ردِّها وإنكارها، ويكفي وصولها إلى التابعين، فكيف


(١) في «المسند» (١٧٥٩٣)، وقد تقدَّم تخريجه (ص ١٣٢).
(٢) (ص ١٣٢ - ١٣٤).
(٣) أمَّا بقية، فإن غاية ما يؤخذ عليه تدليسه عن الضعفاء، وهنا قد صرَّح بالتحديث، ثم إنَّه قد توبع كما سبق بيانه في تخريجه (ص ١٣١). وأمَّا راشد بن سعد الحُبراني المَقرائي، فثقة عند عامَّة أهل الحديث، «وقال ابن حزم وحده: هو ضعيف، فهذا من أقواله المردودة» كما في «السير» (٤/ ٤٩٠). وإنما علَّة الحديث جهالةُ أبي قتادة وابنه.
(٤) كذا في الأصل، والجادة: النصب.