للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من أنَّه ابتدأهم للحياة والموت، والسعادة والشقاوة، إلى ما يصيرون إليه عند البلوغ من قبولهم عن آبائهم واعتقادهم.

قالوا: والفطرة في كلام العرب البداءة، والفاطر: المبتدئ. فكأنَّه قال: يُولَد على ما ابتدأه عليه من الشقاء والسعادة، وغير ذلك ممَّا يصير إليه. واحتجوا بقوله: {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمِ اِلضَّلَالَةُ} [الأعراف: ٢٨].

وروى بإسناده إلى ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: لم أَدرِ ما فاطر السماوات والأرض حتى أتى أعرابيان يختصمان في بئرٍ، فقال أحدهما: أنا فطرتها، أي: ابتدأتها (١).

وذكروا ما روي عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في دعائه: اللهم جبَّار القلوب على فِطراتها شقيها وسعيدها (٢).

قال شيخنا: حقيقة هذا القول أنَّ كل مولود يُولَد على ما سبق في علم الله


(١) أخرجه أيضًا أبو عبيد في «غريب الحديث» (٥/ ٤١٣) ــ ومن طريقه البيهقي في «شعب الإيمان» (١٥٥٩) ــ والطبري (٩/ ١٧٥).
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة (٣٠١٣٤) والطبراني في «الأوسط» (٩٠٨٩) والآجري في «الشريعة» (٤٢٠) وابن بطة في «الإبانة الكبرى» (١٦٩٤) وغيرهم من رواية سلامة الكندي ــ وهو مجهول، وفي رواية ابن أبي شيبة أُبهم الراوي فلم يُسمَّ ــ عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - في دعاء طويل متكلَّفٍ فيه.
قال ابن كثير: هذا مشهور من كلام علي إلا أنَّ في إسناده نظرًا. وضعَّفه السخاوي، وقال الألباني: منكر. انظر: «تفسير ابن كثير» (الأحزاب: ٥٦) و «القول البديع» (ص ١١٨ - ١٢١) و «الضعيفة» (٦٥٤٤).